قصة قصيرة بعنوان ”صبوة الضلال“ للكتابة شيماء مسعد "المشرقة"
جلس الجميع بإحدى قاعات المناسبات بإنتظار دلوف العروسين وما إن انفتح الباب حتى اتجهت جميع الأنظار إليها تتابعهما بسعادة لفرحتهما الظاهرة عليهما فقد كان كل منهما ينظر إلى الأخر بسعادة تلمع باعينهما قبل ان ترتسم على وجههما كيف لا وقد انتصر حبهما وتزوجا رغم معارضة بعض الأهل
سارت بجانبة تتأبط ذراعه وهى بقمة سعادتها وقلبها يدق بقوة وتشعر بنفسها تطير معه بداخل سحابة وردية حتى أنها لم ترى من حولها ولم تشعر بهم فهو يكفيها عن العالم بأكمله وظلت طوال حفل الزفاف ممسكه بيده وتتراقص معه فقط فقد كانت تشعر بأنها تحلم وخافت إن تركت يده أن تستيقظ ولا تجده بجوارها وتنتهى سعادتها التى لم تبدأ سوى بعد أن كتبت على إسمه لم تشعر بالوقت يمر حتى سمعت منسق الحفل يطلب من الجميع توديعهم لينتهى حفلها السعيد وتبدأ حياتها الجديدة الوردية التى طالما تخيلتها ورسمتها قبل حتى أن يعترف كل منهما بحبه للأخر
أمسك بيدها ليساعدها بالنزول من السيارة ويساعدها بظبط فستانها قبل أن يتوجها إلى منزلهما ويتتبعهما العائلتان ليوصى كل منهما على الأخر لم تسمع كلام اى منهم وبداخلها تسخر منهم فهل سيوصيها أحد على حبيب قلبها أو سيوصية عليها وتتمنى أن ينتهوا سريعا ويذهبوا ليضمها وتتاكد أنها أخيرا معه وسيحييان بسعادة إلى الأبد وكما تمنت حدث فقد ذهب الجميع وأغلق الباب عليهما
أستيقظت من ذكرياتها تنظر حولها ساخرة من أفكارها فها هى بعد أقل من أربعة أشهر تجلس وحدها أمام أحدى قاعات المحكمة بإنتظار مناداه اسمها للنظر بقضيتها لطلب الطلاق وفى الجهة الإخرى يقف زوجها وعائلته عادت ذكرياتها تسحبها مرة أخرى لترى نفسها وهى بالسنه الاولى بالكلية وبعد إنتهاء محاضراتها الأولى إتجت إلى الكافتريا لتشرب بعض القهوة لتستفيق وتنتبه للمحاضرة الثانية
أخذت تتلفت حوالها وتشاهد ما حولها حتى تأتى قهوتها فلمحته يجلس بين أصدقائه ويتحدث معهم ولكن عينيه مثبته عليها ولم يبعدهما حتى بعد أن إلتقت عيونهما فابعدت وجهها عنه بإحراج وعندما أتتها القهوة فضلت أن تاخذها وتشربها بالمدرج فهى تشعر به مازال ينظر لها وقد صدق شعورها فعندما وقفت لتذهب نظرت له نظرة سريعة لتجده مازال وجهه وعينيه مثبتين بإتجاهها ومن يومهما أصبحت تراه كثيرا يتابعها من بعيد ولكن أصبحت الكافتريا مكانهما المفضل ليتبادلا بها نظرات الإعجاب حتى السنة الثانية من الكلية تطور الأمر إلى بعض الاحاديث القليله والتى لم تكن سوى السؤال عن الاحوال وان كانت تحتاج لشئ يخص الدراسة فهو كان يسبقها بعام وقتها اعتبرت حديثهم وجلوسهم سويا وحدهما امر عادى فهى ترى الجميع حولها يجتمعون ويتحدثون وتبرر الأمر بأن كل منهما معجب بالاخر واشتاق إليه فى الإجازة وخصوصا انها رفضت ان يتبادلا ارقام الهواتف عندما طلب منها رقمها آخر يوم فى امتحانها ومع انتهاء الدراسة تحول الإعجاب لحب كبير كما كبر الحديث بينهم وزاد ليشمل المشاعر والاحوال والتحكم فى بعض شئون حياتها وكانت مغيبه تنفذ ما يقول فهو يفعل ذلك لحبه وخوفه عليها حتى عصبيته الزائداه كانت تبررها له
لقد أعماها حبها له أن ترى إختلاف طباعهما وأنانيته بها كما غاب التفاهم أو لنقل أن العقل حذرها فقررت تركه جانبا والسير وراء قلبها فبعد الزواج سيتغير من أجلها وستساعده لتمر حياتهم بسعادة كما رسماها سويا
لذلك وقفت امام والدها عندما رفض زواجهم واخبرته أنها تحبه وإن لم تتزوجه فلن تتزوج غيره فيكفى أنه أثبت أنه رجل ويحبها ولم يكن يتسلى بها او يستغل حبها ولم تشعر بذاك الجرح الذى أحدثته بوالدها لخيانتها لثقتة او بذاك الشرخ الذى وضعته بعلاقتهما فقد كانت تشعر بأن قلبها سيتوقف عن النبض إن صمم على رفضه كما تحس بالم روحها لبعدها عنه وذبل جسدها حتى أضطر والدها للموافقة على زواجهما واخبرها انها من اختارت وتتحمل نتيجه اختيارها لتعيش الحقيقة بعد إغلاق باب واحد عليهما وترى شخصيته الحقيقية وتتعامل معها وبأول مواجهة بينهما وبمشكله صغيرة وبعصبيته ضربها بالقلم وتركها تبكى وذهب لتشعر بالألم داخل قلبها ولم تصدق انها هانت عليه ولم يحاول مصالحتها لتستيقظ فى الصباح وتجده بجوارها ومعه بعض الورود ليعتذر لها ويطلب منها السماح ليعود قلبها الغبى ليحن له ويبرر انها من اخطأت ووقفت أمامه وقت غضبه لتغفر له دون وضع قيود أو شروط ليعيد ضربها مرة أخرى وتركها تبكى بإنهيار لخيبة أملها به وتسَألها أين الحب والسعادة التى وعدها بها أين ذهبت أحلامهما وحياتهما التى رسماها سويا والتى تتبخر فى الهواء مع اصغر مشكله تقابلهما
عاد إليها صباحا يعتذر مستغلا حبها وغفرانها له سابقا ولكنها تلك المره لم تستطع ان تسامح فقد رباها والدها منذ الصغر على الا تسمح لاحدهم باهانه كرامتها ولن تسمح له باستغلال حبها واهانتها او التعود ع ضربها مهما حدث بينهما فلم تسامحه بسهوله كما فعلت من قبل وظلت تتجاهله تماما حتى ترجاها لتسامحه فهو يحبها ولا يستطيع أن يعيش وهى غاضبه وبعيدة عنه فسامحته لشعورها بصدق كلماته وأخبرته أنه إن عاد لضربها فستردها له فوافق لاعتباره الأمر مزحه ومجرد تهديد منها
وفى المره الثالثه ردت القلم له وبدلا من ان يستيقظ من عصبيته لم يعد يرى امامه فانهال عليها ضربا لتنقل فى النهاية إلى المستشفى فاقدة للوعى ومصابة بالعديد من الكدمات وكسر فى يدها اليمنى وبعد افاقتها وجدت الجميع بجوارها فأخبرته برغبتها بالطلاق وانها ستذهب مع والدايها ليصرخ غاضبا بالرفض وأنها ستظل زوجته حتى يأخذ الموت أحدهما فهو يحبها ولن يتخلى عنها وأنه سيتركها بعض الوقت لدى عائلتها حتى تهدأ وترجع عن قرارها وأثناء خروجها من المستشفى أخذت تقرير بحالتها لترفع به دعوى الطلاق
وخلال فترة تواجدها فى منزل والدايها لاحظت تجنب والدها لها حتى ان حاولت محادثته يجيبها باقتضاب ولا يسترسل معها بالحديث كما كان يفعل من قبل حتى عندما أخبرته أنها سترفع قضية طلاق أكتفى بهز رأسة ولم يخبرها انها محقة كما تمنت أن تسمعها منه ولم يذهب معها بل كانت والداتها من تذهب معها ولم تتركها وحدها حتى اليوم قررت ان تنزل مبكرا قبل استيقاظهم وتاتى وحدها فكما قال والدها من قبل انه اختيارها وعليها إحتمال نتيجه خطئها واختيارها الخطأ وقبل ان تنزل من المنزل تركت رساله لوالدها محتواها كالاتى
" أسفة
والدى العزيز اتمنى منك ان تسامحنى وتغفر لى خطئى فى خيانة ثقتك بى عندما حدثته دون معرفتك ومعرفتى ان ما افعله خطأ فى حق ربى وظننت انه مسموح لان الاكثريه يفعله اغفر لى اعتراضى لقرارك وظنى انه خطأ ونسيت أنك عشت بالحياة أضعاف عمرى وأصبح سهلا عليك معرفة الاشخاص ومن منهم سيكملنى سيحتوينى ويتفهمنى ويصبح سند لى لا ضدى وسامحنى لنزولى وحدى رغم رغبتى بأن تكون بجوارى فلم استطع ان انتظر واجدك تتركنى لاذهب وحدى لا لشئ الا لانى الى الآن لم استطع استعادة ثقتك بى واصلاح ذاك الشرخ بيننا الذى وضعته بيدى ولا أعرف كيف اصلحه فهل عند عودتى ستساعدنى لإصلاحه وستعطينى فرصه لاستعيد ثقتك وانعم بدفء احضانك "
عادت من ذكرياتها كما عاد وجهها للهدوء بعد تعاقب مشاعرها عليه مع كل ذكرى وبقى الانكسار فقط بعينيها شعرت بمن يجلس بجانبها ويمسك كفها الموضوع بجانبها بين كفيه ليمدها بالامان والدفء المفتقدين بغيابه رغم وجوده معها بنفس المنزل
سمعته يقول " لم اعرف أن عقابى طال حتى ظننتى انى ساتخلى عنك وعن دعمك ولم يكن عقابى الا لتعرفى خطأك وتعترفى به لاعلم انكِ تعلمتى الدرس وستفكرين جيدا قبل الاصرار على شئ وقبل خوض تجربة أخرى "
سمع حاجب المحكمة ينادى اسمها ليقف ويجذبها لتقف معه ويضمها إليه لتستند عليه كما تعودت دائما لينمحى الانكسار من عينيها وتعود قوية فقد كرمها الله وطلب الرفق بها ولا يحق لها السماح لاى شخص باهانتها او التقليل منها او اهدار حقوقها تحت اى مسمى .
خرجت من المحكمة حرة تتمسك بيد والدها سعيدة انها عادت لاحضانه مرة أخرى وعند إنتهاء عدة طلاقها وجدت والدها يخبرها عن ذاك العمل لدى صديق له ورغم محاولة اعتراضها لخوفها من مقابلة الناس وما سوف يقال عنها عندما يعلمون بطلاقها إلا أنه طمأنها أن صديقه يعلم وسيحافظ عليها ولن يسمح لأحد بالتحدث عنها ولا داعى لأن تخبر أحد بشئ لا يخصه وبالفعل بدأت بالعمل لديه وقد ساعدها ذلك على تخطى ألمها والخروج من دوامة أفكارها وخوفها مر على عملها عامين استطاعت خلالها كسب حب وثقة الجميع وأصبح لديها الكثير من الصديقات وزملاء العمل .
تفاجئت بطلب والدها بأنه يريد محادثتها بعد الغداء لتجده يخبرها بأن ابن صديقه ورئيسها بالعمل يريد الزواج بها وقبل أن تقل شيئا أخبرها أنه يعلم كل شئ عنها منذ عملها معه والا تقل شئ قبل أن تراه فى المساء وتتحدث معه أولا وتصلى صلاة استخارة لتتاكد من قرارها وتخبره به .
ولكنه فوجئ بها تساله عن رأيه وأنها سبق وقالت له أنها ستتبع قراره فيخبرها أنه يراه مناسب فهو شخص محترم ويعرفه ويعرف والده وأنه سمع عنه الكثير من الكلام الجيد فهو لم يكتفى بما يعرفه وسأل عنه حتى يطمئن قلبه ولكنه لن يسمح لها بأن تتبع رأيه فقط عليها التحدث معه وان كانت تشعر بالراحة فلتقبل وان لا فلترفض ولن يجبرها أحد على شئ لتهز رأسها بالموافقه وتذهب للاستعداد للمساء الذى أتى سريعا وأتى معه فريد وعائلته وبعد جلست التعارف طلب أن يجلس معها بمفردها ليتحدثا ولأول مرة تشعر بالإحراج وهى تجلس معه بمفردها ولا تستطيع النظر إليه حتى لفت إنتباهها بحديثه حينما
قال " أنا مش عارف امتى قلبى دق ليكى يمكن من أول مرة شوفتك فيها او بعدها بفترة لما اتعاملت معاكى وفهمتك وعرفتك أوقات كنت بحسك زى الطفلة سهل ان اللى يزعلك يصالحك بكلمه لدرجه انى كنت بحسك بنتى وأوقات بتبقى قاسيه ومستحيل حد ساعتها يراضيكى وخصوصا لو حسيتى أنه هيجى على كرامتك او بيفكر يستغلك ودا زود اعجابى وحبى ليكى يمكن اتاخرت فى اعترافى بس حبيت اتأكد أنك اتخطيتى الماضى ونسيتيه وأنه مش هيجبرك ترفضينى لخوفك أنك تكررى التجربة تانى وكمان تكونى اتعرفتى عليا ووثقتى فيا انى مستحيل اذيكى او اسمح لاى مخلوق بدا ويمكن لانى اتمنيت أنك تبادلينى الحب او الاعجاب حتى أنا مش طماع " لتبتسم على مزاحه معها
ليكمل " بس مقدرتش استنى أكتر من كدا لما لقيت عميل بيطلب ايديك منِ وخفت يتقدم لوالدك وأخسرك " تنحنح قليلا وهو يصدمها
بقوله " فقلتله أنك خطيبتى وبمجرد مخرج كلمت والدك وطلبتك أنا مش طالب ردك دلوقتى فكرى براحتك وهستنى تبعتيلى ردك مع والدك "
ليصمت ويستعد للوقوف فيسمعها
تقول " أنا موافقه مبدأيا لان اللى يستنانى سنتين ومستعد يستنى اكتر لحد مكون مستعده أنى اتقبل وجوده يستاهل أنى اتمسك بيه لانه هيبقى صبور معايا وهيستحملنى
واللى قدر يفهمنى ويفهم أن سهل اسامح بس صعب اسمح بالاهانه او التعدى على كرامتى عمره ما هيفكر يجى جمبهم لأنه هيبقى عارف انى سهل اتخلى واللى متاكده منه أنك مش الشخص دا مهما كنت عصبى او مضايق لانى شفتك فى كل دا حتى لو كان اللى بيكلمك واحد دايما بتاخد حقك من غير اهانه بس اسمحلى اصلى صلاة استخارة وبابا هيرد عليك "
ليوافق ويعودا للجلوس مع باقى العائلة ليرحل مع عائلته بعد بعض الوقت لتذهب لغرفتها وتغير ملابسها وتتوضأ وتصلى لتقم فى الصباح وهى تشعر بالراحة والسعادة لتخبر والدها بموافقتها فيتصل بصديقه ويخبره ليحددا اليوم التالى لقرأه الفاتحه والاتفاق على موعد الزفاف الذى جعله فريد بعد إسبوعان فيكفيه انتظار عامين ليقيم حفل زفاف خاص بالعائلتين والمقربين فقط لتعيش معه أسعد أيام حياتها فقد احاطها بحبه وحنانه وتفهمه لها ليقع قلبها فى عشقه وليس حبه فقط وتشعر معه وكأنها لم تحب يومًا وتكتمل سعادتهما بثلاثة أطفال يشبهونهم ويزيدون الحب بقلوبهم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق